Monday, February 25, 2008

1-4

ركبت المترو وأنا عائد من العمل، في محطة الدقي، جلست إلى جواري امرأة في ال30 من عمرها تقريبًا، سار القطار مسرعًا نحو اتجاه السادات، وفجأة توقف، فاحتك جسدي بجسدها رغمًا عني، أسرعت بالاعتذار كي لا تسيء الظن بى، توقعت أن تغضب أو أي شيء من هذا القبيل، لكنها فاجأتني بابتسامة لم أفهم معناها .
واصل القطار السير، وواصلت التفكير فيما كان يشغلني، وإذا بالمرأة تقترب مني أكثر ليلاصق جسدها جسدي، نظرت إليها، الآن فهمت ابتسامتها، فكرت في الأمر، فرصة سانحة لتفعل ما تشاء، دقائق معدودة ثم تستغفر وتتوب ولست أول من يفعل ذلك، فهناك من يركب المواصلات لهذا الغرض تحديدًا، تخل عن مثاليتك، فالفرصة لن تتكرر.
شعرت بعدم التكافؤ، أربعة أمام واحد، فجور نفسي وشيطاني وجسدي والمرأة، أمام ما أودعه الله في النفس البشرية من تقوي وخير، لم أستغرق في التفكير، فقد حان الوقت لتغيير اتجاه السير في القطار، نزلت من العربة، ودارت الحرب في داخلي.
تركتهم يتصارعون وانتظرت أترقب من يفز في النهاية، أضعت فرصة ثمينة لن تتكرر، الحمد لله الذي عافانا، ستندم كثيرًا ولن تجد هذه الفرصة مرة أخري، حقًا، نعم ، لن تجدها، المرأة إذا طلبت الرجل بهذه الدرجة فبإمكانك أن تفعل ما تشاء، حقًا، أعوذ بالله، أعوذ بالله ، أخاف العقوبة، أي عقوبة هذه، هي ثوان معدودة ليس أكثر، ثم أنت لن تزن، لقد كنت أريدها، أضعت مني الفرصة، أعوذ بالله.
عدت إلى المنزل، فكرت في هذا البلاء، فتنتنا بهن، وفتنتهن بنا، فتنة قديمة حديثة، لم يخل عصر من العصور منها، ولكن ما وصلنا إليه من الانحطاط والحيوانية أمر عجيب، كأننا بهائم- مع الاعتذار لهم- لا هم لها إلا الطعام والشراب والشهوة، انتفت جميع الحوائل لارتكاب الفواحش من قلوبنا، وصار العفاف والطهر مجرد ذكريات نتغنى بها ...
ا . هـ

Tuesday, February 19, 2008

جميلة

مع اقتراب الذكري الثالثة لرحيل أعظم امرأة عرفتها في حياتي، تتردد في ذهني " وقيل من راق "، الجملة الوحيدة التي كنت أرددها طيلة 12 ساعة ظلت فيها " جميلة " فاقدة الوعي في غيبوبة الموت، كلمات الدعاء الصادقة التي خرجت من قلوب محترقة لفراق امرأة قلما يجود الزمان بمثلها، آي القرآن التي كان يرددها الجميع أصوات أنفاسها العالية، وشهادة التوحيد التي ما فارقت لساني وكنت ألقنها إياها، علها تكون آخر عهدها بالدنيا.
عدت من الجامعة، دخلت غرفتها، الحال كما هو عليه، تلفظ جميلة آخر أنفاسها في الحياة بل آخر أنفاس الحياة فيها، وفجأة يتوقف كل شيء، تفتح فمها الطاهر وتردد كلمات الشهادة بلغة يفهمها الجميع، لحظات ساد الصمت فيها الجميع،أغمضت عينيها، فارقت روحها الحياة، تركت الدنيا أو تركتها الدنيا لأنها تعلم أن هذه الأرواح الطاهرة موطنها الجنة لا الدنيا..

بعد ثلاثة أعوام، لا أملك إلا البكاء والدعاء عسي ألقاها ثانية ، وداعًا جميلة، وداعًا جدتي
...