Saturday, April 26, 2008

أصبت

" هذا أيضًا كلام عام.. أرجو عدم تحميله فوق طاقته.. فهو ليس لأحد بعينه"

خُيل إليّ أني عدت صبيًا في المدرسة، وكانوا يُدرّسون لنا مادة اسمها "كيف تتعامل مع المرأة".. لقد فطنوا أخيرًا أن المرأة مخلوق معقد في حاجة لكتب تُدرّس للأطفال منذ نعومة أظفارهم ليجيدوا التعامل معها ..

وفي إحدى حصص هذه المادة، سألنى المُعلم " ما أقوى أسلحة المرأة؟؟" و كنا ندرُس أن أقوى سلاح لدي المرأة هو لسانها الذي لا يكف عن الثرثرة وإطلاق القذائف من وقت لآخر في وجه الرجل، ترددت قبل الإجابة، ثم قلت بصوت عال " أقوى أسلحة المرأة .. دموعها" ضحك زملائي، وقال المعلم "لا ..انظر في الكتاب"، قلت "أعرف ما به.. تقولون لسانها"، قال "نعم هو لسانها"، قلت "لا.. بل دموعها" .. قال "كيف يا فيلسوف" .. قلت.. هذا أمر فوق إدراك الكثيرين، فهو معني قبل كل شيء، فضحك ملء فيه وقال "قل ما عندك.. فمنك نستفيد" ..

قلت " كفرت بما تقولون عن الحب وأيقنت أنكم تتحدثون عن أوهام ..عن أشياء سمعتوا عنها ولم تشعروا بها، أو معان لا ترقى لأن يطلق عليها "حب" .. أما أنا فلا ..

" حبيبتي .. أحببتها قبل أن أراها.. سمعت عنها الكثير.. ولما رأيتها زاد تعلقي بها.. كنت أؤثرها على نفسي .. أضحك لضحكها .. أبكي لبكائها..أحببت ما تحب.. كرهت ما تكره..إذا كانت في مكان لم أر سواها .. فكل ما دونها دون.. وكل ما سواها لا قيمة له.. مجرد رتوش.."

" كانت إذا اشتهت شيئًا وجدته أمامها.. لم أكلفها شيئًا.. كنت لها أبنًا وأخًا.. وكانت أسعد لحظاتي حين قالت لي يا "بنيّ" ...أجهدت نفسي لترضى ولكنها رحلت..

" لا لا .. لم ترحل، فقط حيل بيننا، أراها كثيرًا ولكن بوجه غير الوجه، وجه يحذرني أن أتحدث ولو بكلمة، حاولت أن أفهم السبب في هذا التحول فقالت "كلماتك" ثم بكت

قال المُعلم ... هنا السر ؟

قلت: نعم.. فلبكائها بكيت.. وحمّلت نفسي خطئًا قامت به، فكنت الجاني والمجني عليه والظالم والمظلوم في آن واحد..

يا سيدي.. في المرأة طبيعة غريبة، تخالف بها كل "مخلوق" على وجه الأرض.. وهي أن قوتها في ضعفها، وكلما ضعفت كلما تمكنت وسيطرت..

فدموع المرآة أقوى من ألف ألف "رصاصة" تصيب قلب "المحب"، وهي لقربها من "الطفل" تجدها تستخدم نفس أسلحته فالبكاء أولاً وثانيًا وثالثًا، وكلمة "حاضر" مع انكسار وعين ناظرة إلى الأرض تُحدث في قلب الرجل"سليم الفطرة" ما يعجز عنه لسان المرأة ولو ظل يتحدث حتى يوم "البعث"

ولو أنك أمرت امرأة بأمر .. ثم تطاولت عليك وأطلقت للسانها العنان.. لكانت لطبيعة"الرجل" وغريزته فيك الحسم.. فمهما كانت فأنت أقوى.. ولسان "المرأة" غالبًا ما ينبه الرجل لمعان في تركيبته لا يشعر بها إلا حين يُهينه لسان "أنثى".. ولكن إن تنازل لسانها عن سيادته"الموهومة" لعينها لكانت لها الغلبة.. فلبكاء المرأة في الرجل مفعول السحر

سكت المعلم وقال :

" "أصبت "

Wednesday, April 2, 2008

عالم الأقنعة

" ده راجل محترم ومتدين " كنتُ في قمة السعادة حين سمعت هذه الكلمات، جميلُُُُُ ُأن يمدحك الناس وهذه عاجل بشرى المؤمن كما قال النبي عليه السلام، لكن أن نعيش لنُمدح فهذا أمر عجيب، سعادتي لم تكن لأنني فعلاً كما قالوا، فأنا أعلم بحالي منهم، سعدتُ لنجاحي في الوصول لتلك الصورة التي طالما رسمتها لنفسي أمـام الناس، "راجل محترم ومتدين".

إحساس جميل أن تحلم بشيء ثم تراه واقعًا أمامك، هذه ليست حصيلة يوم وليلة، هذا عناء سنين، ذُقت فيها الأمرين حتى أكون " راجل محترم ومتدين" في نظر الناس، كل التعب والنصب يزول حين يتحقق الحلم.

ليس نفاقًا أن أقول أنني عشت لأرسم صورة بعينها أمام الناس، وكانت جُل معاملاتي للوصول إليها، وليس تقليلاً من شأن نفسي فلا شأن لها أساسًا، لكن هذه الحقيقة، ولا أتعجب من ذلك، فكلنا كذلك.

" عالم الأقنعة " لافتة كبيرة أراها في جميع الأماكن، في العمل، في الشارع، في المواصلات، حتى المنزل، عالم يسع الجميع، ودائمًا ما يطلب الزيادة، تجلى أمامي هذا العالم بوضوح، حين كنتُ في الجامعة، يا لله، ما كل هذه الأقنعة، في أول أيام الجامعة، قررت أن أرتدي قناعًا خاصًا، كُتب عليه " راجل محترم ومتدين"، أظن أن ابتعادي عن النساء في الجامعة لم يكن لله ولكن لهذا السبب، كذلك مواظبتي على الصلاة وسائر تعاملاتي كانت للفوز بهذا اللقب، وصرت صاحب أفضل قناع بين الجميع.

ليس لدي أمل في أن نخلع الأقنعة في يوم من الأيام، ما أخشاه أن نُفتضح في الدنيا، وتنكشف الحقائق التي سترتها الكلمات عبر سنين، وقتها ستختفي الإشارات والتلميحات، وستلاحقنا اللعنات ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.